الشهيدة زلال.. السائرة على خط تحرر المرأة

"لقد استمعنا إلى الكثير من الأمور حول الشهيدة زلال، فقد كانت الثورية الرائدة للنضال التحرري والباحثة عن الحقيقة، والسائرة على خط تحرر المرأة".

تحدثت جيهان خالد، إحدى قريبات ورفيقات الطفولة للشهيدة زلال زاغروس (فريال سليمان)، لوكالتنا عن حياة الشهيدة زلال وتأثيراتها عليها، وهكذا تتحدث جيهان خالد عن ذكريات طفولتها:  

"لقد نشأنا أنا والرفيقة زلال حتى عمر الخامسة عشر في نفس البيت، حيث لم تكن تغضب ضد أي أحد ولم يكن أحد يغضب منها، فقد كانت كبيرة مع الكبار وصغيرة مع الصغار، وكانت معروفة بتواضعها، وربما لذلك، كان الجميع يحبونها ويقدرونها، وقد شكلت أثراً قوياً عليّ أيضاً.

هناك ذكرى لـ زلال لن أنساها أبداً؛ كان هناك بئر في قريتنا، وعندما كنا نرحل من القرية وألوح بيدي لها في السيارة لأودعها، كانت تجلس أمام البئر وعيناها ممتلئتان بالدموع وكأنها تقول لا ترحلي من هنا، وفي تلك اللحظة تهيئ لي كما لو أنني تركتُ جزءاً من نفسي هناك، وبعد مرور فترة من الزمن، جاؤوا هم أيضاً واستقروا بالقرب منا، وبما أنها كانت الكبرى في البيت، كان عليها أن تأخذ على عاتقها مسؤولية إخوتها\أخواتها الذين كانوا يدرسون في سن مبكرة، وعلى الرغم من أنها لم تكن دارسة، إلا أنها كانت تتمتع بذكاء كبير، وتساعد إخوتها وأخواتها في دروسهم، وقبل أن تنضم إلى صفوف الحرية، تعلمت خلال فترة وجيزة إتقان اللغة العربية وكذلك اللغة الكردية، باختصار، كانت زلال تتحمل المسؤولية دائماً ولديها تلك القوة التي تمكنها من القيام بأمور تتجاوز عمرها وقد فعلتها". 

"زلال، إحدى الشخصيات التي كانت لديها الشجاعة للوفاء بوعودها"

وأوضحت جيهان خالد أن العلاقة الوطنية للعائلة كانت حاضرة في السابق، وقالت بأن زلال أصبحت سائرة على خطى هذا التعلق، وتابعت قائلةً:   

"خلال فترة التسعينيات، كنا نقوم بزراعة وبيع العدس والقطن لتقديم مساهمة صغيرة للكريلا، حيث كان الصغير والكبير والطاعن في السن مستنفرون في تلك الفترة من أجل مساعدة الوطن، وفي تلك الفترة، شكل استشهاد كل من الرفاق ريناس وعادل وعدنان أثراً عميقاً على زلال، وتعهدت في بيت العزاء بحمل سلاحهم، حيث كانت زلال، إحدى الشخصيات التي كانت لديها الشجاعة للوفاء بوعودها.      

وبهذه المعرفة والمسؤولية، انضمت الشهيدة زلال في العام 1993 إلى صفوف النضال التحرري للكريلا وأدت قوة وواجب تحقيق رغبتها وحبها لقضية الحرية كضرورة للوفاء بالوطنية، حيث كان انضمام زلال قوة مختلفة بالنسبة لنا، وأصبحت مصدراً للروح المعنوية لدينا، ولم تكن زلال شهيدتنا الأولى، حيث كانت الشهيد فواز قد انضم في بداية التسعينيات إلى قافلة الشهداء، وفي عام 1995، بدأت رحلتها نحو الجبال الحرة مع مجموعة ضمت ابن عمها كوران، وبعد مرور عام، كتبت لنا رسالة وقالت فيها: "إننا ننحني أمام ذكرى الشهداء بكل إجلال واحترام"، وفي تلك الفترة لم نكن على علم باستشهاد فواز وكوران، ولكننا فيما بعد سمعنا باستشهادهما".    

وبعد سنوات طويلة تلتقي جيهان خالد بالشهيدة زلال، وتتحدث عن تلك اللحظات قائلةً: "كان يوم العيد، وكانت المرة الأولى التي تتصل فيها زلال عبر الهاتف الأرضي، وقالت بأن وضعها على ما يُرام، وأن الجبال تمنحها طاقة مختلفة وأنها هناك كما لو أنها وُلدت من جديد، ونحن أيضاً، كنا قد تعهدنا بالسير على الدرب".      

وهذا ما قالته جيهان خالد عن محاولات الهجوم ضد الشهيدة زلال؛ "بعد أن بقيت زلال لفترة طويلة في جبال كردستان، انتقلت إلى أرمينيا وعملت هناك بشكل نشط على مدى 6 سنوات، وعند عودتها إلى روج آفا، بقيت لفترة من الوقت في مقاطعة الجزيرة، ولاحقاً، وأثناء عملها في الفترة الممتدة من العام 2017 إلى عام 2019، في مدينة منبج بإقليم الفرات، تعرضت لمحاولة اغتيال، وكان قد تم هذا الهجوم في الوقت نفسه أيضاً ضد حركة المرأة الحرة، وأنا أقول حركة المرأة، لأن زلال كانت قد ضحت بحياتها لخط المرأة الحرة، حيث كان قد تم وضع لغم أسفل السيارة التي كان زلال تستخدمها، وبالصدفة لم تكن زلال موجوداً في السيارة في ذلك الوقت، وكان سائق السيارة قد استشهد في ذلك الهجوم".   

وذكرت جيهان خالد أن الشهيدة زلال واصلت أنشطتها بدون انقطاع حتى بعد محاولة الهجوم، وتحدثت قائلةً: "هذه المرة، اتجهت زلال نحو دير الزور، وعملت على مدى عام واحد في دير الزور، وتوجهت زلال، التي كانت تقول "أشعر بنفسي أقرب بكثير إلى القائد في الجبال"، مرة أخرى إلى الجبال".

"عندما التقيتُ بـ زلال مؤخراً، كنتُ قد شعرتُ بأنني لن أراها مرة أخرى"    

وكانت جيهان خالد قد أعربت عن قلقها وشكوكها حول ذهاب الشهيدة زلال إلى جنوب كردستان، وروت السبب وراء ذلك قائلةً: "لقد تعرضت زلال للاعتقال على يد الحزب الديمقراطي الكردستاني في العام 2013 أثناء عودتها من أرمينيا، وقد أنقذت نفسها بصعوبة من أيدي خونة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكان ذهابها الأخير إلى جنوب كردستان قد زاد من مخاوفي، وكنتُ أعلم أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يتحرك مع أعداء الكرد وأنه هو من هيئ الأرضية للكثير من الهجمات، والجميع يعلمون أن عضوة مركز دراسات علم المرأة ناكيهان آكارسل في السليمانية، وشيلان غويي (طيبات بلكين) قد تعرضتا للاغتيال واستشهدتا على يد الحزب الديمقراطي الكردستاني على طريق مخمور، ولهذا السبب، زاد ذهاب زلال من قلقي وشكوكي".        

أصبحت زلال السائرة على درب نضال سارا

وأعربت جيهان خالد عن مشاعرها حلول استشهاد الشهيدة زلال، قائلةً: "كانت زلال رفيقة القائد أوجلان، وتعرّفت هنا على سارا وبسي ودلال، وتعلمت من كل واحدة منهم معنى وتشاركتها مع محيطها، وعندما كانت زلال تؤدي واجبها، قام الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقيام بدوره التاريخي الخائن، وتسبب باستشهاد زلال في جنوب كردستان بمؤامرة خائنة، وكان قد تم استهداف زلال أيضاً مثل سارا وباكيزا، لأن زلال كانت قد اختارت حياة مشرّفة وأخذت على عاتقها تحمل مسؤولية شعب يتعرض للإنكار".        

وفي النهاية، تحدثت جيهان خالد عن نضال زلال قائلةً: "لقد أعادت زلال تذكيرنا مرة أخرى بالتصميم والإيمان بالثورة، وسنسير بإخلاصنا للنضال على درب الشهداء ونؤجج نار الحرية التي أشعلوها بأيديهم.

وكانت الشهيدة زلال قد نشأت على أجنحة الوطنية، وسارت طوال حياتها بالوفاء لقيمها، وكانت محبةً بلا حدود للبحث عن المعنى".